محرم هو الشهر الأول من السنة القمرية أو التقويم الهجري، وهو أحد الأشهر الأربعة الحرم، والتي لا يحبذ فيها المسلمون القتال.
والمحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما وتأكيدا لتحريمه حسب الدين الإسلامي. سمي هذا الشهر محرمًا لأن العرب كانت تحرم فيه الحرب والإغارة، وقيل إنهم أطلقوا عليه هذا الاسم لأنهم تقاتلوا فيه فوقعت بينهم مقتلة عظيمة، فحرَّموا فيه القتال، وسَمّوه محرمًا. وهو من الأشهر الحرم التي ذكرت في القرآن وهي: المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة. وفي هذه الأشهر، كانت تُقام الأسواق للتجارة، والشِّعر، وتبادل المنافع في كل من عكاظ والمربد وذي المجاز والمجنة. وكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فيه، فلا يهيجه تعظيمًا لحرمة هذا الشهر. وكانت العرب تنسؤه (تؤخره) فتحرمه
أسماؤه
كانت للمحرم أسماء عند العرب قبل أن يُسمى باسمه الحالي، فقد أطلقوا عليه عدة أسماء منها: ناتِق والمُؤْتَمِر؛ أي الذي يؤتمر فيه للتشاور أو طلبًا للنصيحة عما إذا كانوا يخوضون الحرب فيه أو يتركونها،
أما في التقويم الثمودي فكان اسمه موجبًا. ولم تكن الشهور العربية تُعرف بالأسماء المعروفة اليوم، فقد عُرفت بأسماء أخرى
التاريخ
لما استقر الرأي عام 17هـ على اختيار سنة الهجرة بداية للتاريخ الإسلامي، برزت معضلة؛ إذ كان على المسلمين أن يختاروا شهرًا يبدأون به تقويمهم مثلما اختاروا سنة لهذه البداية. واقترح بعض الصحابة على عمر رضي الله عنه، أن يكون هذا الشهر شعبان، واقترح بعضهم رمضان، إلا أن الرأي استقر في النهاية على العمل بمشورة عثمان بن عفان باعتماد المحرم بداية للسنة الهجرية على اعتبار أنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر الله، كما أنه هو الشهر الذي اختارته العرب بدايةً لسنتهم من قبل مجيء الإسلام وقد سماه الرسول ³ بعد الإسلام شهر الله، وأُضيف إلى الله إعظامًا له وللدلالة على فضله وشرفه، كما قيل للكعبة بيت ا. وقال الحسن البصري: ¸إن الله افتتح السنة بشهر حرام، فليس في السنة شهر بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم. وكان يُسمى ¸شهر الله الأحم· من شدة تحريمه. واليوم الأول من شهر الله المحرم معظَّم لأنه غُرة الحول ومفتتح السنة الهجرية (رأس السنة). وبداية السنة الهجرية الأولى يوافق يوم الخميس 15 يوليو عام 622م، وتُسمى هذه السنة سنة الإذن، أي الإذن للرسول ³ وأصحابه بالهجرة من مكة إلى المدينة.
المواسم والأعياد
في رأس السنة الهجرية، تحتفل بعض الدول الإسلامية بذكرى الهجرة النبوية، فتعطل الدواوين الحكومية، ويُحتفى بهذه الذكرى في بيوت الله وعبر وسائل الإعلام المختلفة.
ومن مواسم هذا الشهر عاشوراء، وهو اليوم العاشر منه ومن السُّنة صيامه؛ ذلك أن النبي ³ لما قدم المدينة رأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يوم نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى عليه السلام، فقال الرسول ³ (فأنا أحق بموسى منكم ) فصامه وحضّ على صيامه. رواه البخاري. واليوم الذي قبله يسمى تاسوعاء ويستحب صيامه أو صيام اليوم الحادي عشر، لأن إفراد العاشر بالصيام وحده فيه تشبه باليهود. وكان صوم عاشوراء فرضًا لكنه نُسخ بشهر رمضان. وقيل: إن كلمة عاشوراء عبرانية معربة وتعني عاشور، وهو العاشر من تشري أول شهور التقويم العبري، وكان يوافق آنذاك عام 4382 عبرية.
من الأحداث المهمة التي وقعت في هذا الشهر، قدوم الأحباش، أصحاب الفيل بقيادة أبرهة الأشرم إلى مكة لهدم الكعبة، وسُمي ذلك العام بعام الفيل انظر: الكعبة المشرفة. وفي هذا الشهر، صُرفت القبلة إلى بيت المقدس في أول الإسلام، وظلت هكذا لمدة 16 أو 17 شهرًا حُولت بعدها إلى الكعبة. كما اختطت البصرة بأمر من عمر بن الخطاب في المحرم من عام 14هـ. وفي الثاني من محرم سنة 20هـ تم فتح مصر على يد القائد المسلم عمرو بن العاص.
ويوافق العاشر منه أيضًا وقعة كربلاء، المعركة التي واجه فيها الحسين بن علي وصحبه جيش الأمويين، والتي استشهد فيها الحسين، وكان ذلك عام 61هـ. ويعتبر الشيعة هذا اليوم يوم حزن وبكاء.
من الحوادث التي يقال إنها وقعت في هذا الشهر أن الله سبحانه وتعالى نجّى فيه نوحًا ومن آمن معه من الغرق، ورَفَع فيه إدريس فوق السماء الرابعة، وأَطْفَأَ نارَ النمرود عن إبراهيم، وردَّ إلى يعقوب ولده وبصره، وتاب على داود وجعله خليفة في الأرض، وردَّ على سليمان ملكه، وأنجى موسى وقومه من فرعون، وفيه رُفع عيسى إلى الله.
تعليقات
إرسال تعليق