كان طلحة بن عبدالرحمن بن عوف أجود قريش في زمانه فقالت له إمرأته يوما: ما رأيت قوما أشدّ لؤماً منْ إخوانك . قال : ولم ذلك ؟ قالت : أراهم إذا اغتنيت لزموك ، وإذا إفتقرت تركوك ! فقال لها : هذا والله من كرم أخلاقهم ! يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم.. ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم.
الإمام الماوردي علّق على هذه القِصة فقال : أُنظر كيف تأوّل بكرمه هذا التأويل حتى جعل قبيح فِعلهم حسناً ، وظاهر غدرِهم وفاء. وهذا والله يدل على ان سلامة الصدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة وهي من أسباب دخول الجنة ، قال تعالى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}الحجر47.
وبعد هذه القصة القصيرة أكرر اللهم أرزقنا قلوباً سليمة ، الحياة تحتاج منا أن نتأملها من كل زواياها ، وأن نعيد التفكير في تفاصيلها و نضع كافة الإحتمالات ونختار دائماً أفضلها ، وإن كان أفضلها لايناسب توجهاتنا ، ولكنه على الأمد البعيد سيمنحنا طاقة ايجابية كبيرة و راحة تمتد كإمتداد السماء.
صفوا النية ... ففي هذه الحياة من الجميل أن نترك البشر في حالهم ولا نأول ونفسر الأمور بمقياسنا نحن فقط ، بل نقدر ظروف البشر وقدراتهم وإمكانياتهم ونكون على يقين بأن كل انسان يرى الحياة بمنظوره الخاص ، فنحن لانملك منظارا سحريا يسمح لنا بالتغلغل في قلوب من حولنا ومعرفة نواياهم وماتكنه صدورهم فالله عز شأنه أعلم بالقلوب و أعلم بأحوال البشر، وهذه نعمة من الله وحده.
ففي قلوبنا الكثير من التفاصيل تحتاج لوقفات وتغيير وإصلاح ، فالله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، لهذا دعوة مني أن نبدأ من ذواتنا وألانضع أنفسنا حكماً على الآخرين وتصرفاتهم ، صفاء النية بوابة من بوابات الراحة النفسية والسعادة في هذه الحياة ، ولا نحكم على الآخرين من المظهر فالمخابر والتفاصيل الداخلية المنعكسة عبر اعمالهم واقوالهم هي الأهم ، والحكم على الاخرين من خلال كلام الاخرين ظلم في حق أنفسنا ، لندع الخلق للخالق ولنتذكر (قل آمنت بالله ثم استقم)
(هيا نقترب من الله)
تعليقات
إرسال تعليق