للنفاق رائحة كريهة مميزة مهما رششت حولها من عطور. رأيي أن عبد الحليم حافظ لم يكن ينافق في تلك اللحظات، بل كان مخدوعًا مسحورًا مؤمنًا بكل حرف يقوله. كان الكل مسحورين يشعرون أننا أقوى الأمم وأننا حققنا كل ما أردناه والباقي أعظم، ولهذا كانت الضربة ساحقة بعد ذلك بأربعة أعوام، ولهذا أعتبر أن الفنان صلاح جاهين توفي فعلاً في 5 يونيو 1967.
ما أثار حفيظتي فعلاً هي نغمة المتاجرة بجثث هؤلاء الشهداء ودمائهم من أجل تحقيق نتائج سياسية. أن يعرض التلفزيون صورة ابنك وقد تحول إلى أشلاء، بلا داع سوى اللعب بعواطف هؤلاء الذين يصرخون من اجل ارتفاع سعر السكر وإسكاتهم. وهو طراز من الخداع المنطقي يُعرف باسم (التلويح بالعلم)، يصفه صمويل جونسون قائلاً: "الوطنية الزائفة هي آخر ملاجئ الأوغاد".
أراهنك على أن وسائل الإعلام التي نشرت الصور لم تبال لحظة واحدة بهؤلاء الشهداء. هم مجرد وقود يُلقى في نار الدعاية السياسية.
ما هذا الخلط؟ يطالبونك ألا تشكو من ارتفاع سعر الزيت أو فاتورة الكهرباء أو الدولار الذي تضاعف سعره في أقل من عام، وإلا فأنت تشمت في مقتل هؤلاء الجنود وأنت خائن لكفاح الوطن. هناك إرهاب فلا وقت للزيت.
تعليقات
إرسال تعليق